Nitaj

كيف نواجه أزمة الغذاء العالمية بحلولٍ شامِلة ومُستدامة؟

يجدُ العالم نفسهُ في الآونة الأخيرة على شفا أزماتٍ مُتزامنة، كان أبرزها وأكثرها إلحاحًا: الندرة في الغذاء والتغيّر المُناخي، وبحسب تقرير صادر عن الأمم المُتحدة فإن عددًا غير مسبوق من الأشخاص حول العالم -يصل إلى 49 مليون شخص- يواجهُ المجاعة أو ظروفًا شبيهة بالمجاعة، وهو مؤشر صارخٌ يشي بخطورة الوضع، ويُنذرُ بأزمةٍ قريبة ومُقلقة، فماهي الاستراتيجيات التي يمكن للدول اتباعها لتخفيف آثار هذه الأزمة؟

لكي نعالج أزمة الغذاء، يجب علينا أولًا إعادة تصور النهج أو الطريقة التي نتبعها في إنتاج الغذاء واستهلاكه، حيث يساهم النظام الحالي بشكل كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة والتي تؤدي إلى تفاقم مشكلة تغير المناخ وزيادة زعزعة استقرار الأمن الغذائي. من هنا جاءت فكرة تبني النظم الغذائية المتجددة (Regenerative Food Systems) لتقدم حلًا قابلًا للتطبيق والتطوير، وتعزز الإنتاج والمحاصيل، وتقلل من الانبعاثات، من خلال تحويل المراعي والمزارع إلى مُخفضات للكربون، وبالتالي تُخفف من آثار تغير المناخ.

ولنضمن أن الممارسات الغذائية المُستدامة ستساعد على حل أزمة الغذاء في العالم، وتُسهم في النمو اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا، يجب أن نضمن توافق طلب السوق مع المنتجات الصديقة للبيئة، من خلال بذل الجهود والالتزامات لتحفيز التحول نحو المنتجات الغذائية الصحية التي تدعم الممارسات المستدامة بيئيًا وزراعيًا، مما سيمكننا على الحفاظ على مساحات شاسعة من الأرض وعدم استغلالها بهدف تحويلها إلى مناطق زراعية والتي ستشكل ضغطًا على البيئة والمُناخ.

من ناحية أخرى، لنلقي نظرة حول الطريقة التي ينتج بها العالم اللحوم ويستهلكها، والتي تسبب نحو 15 بالمائة من انبعاثات الغازات الدفيئة سنويًا، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة في العقود المُقبلة مع ارتفاع عدد السكان، ولكي نحد من هذه المشكلة هنالك حلان رئيسيان يساعدان في تلبية الطلب المتزايد على اللحوم دون زيادة في الانبعاثات أو تأجيج للأوبئة، أولها يتعلق بمربّي الماشية من خلال إطعام الماشية طعامًا أفضل وتوفير رعاية صحية أفضل، والحل الآخر في يد الجهات الفاعلة من القطاعين العام والخاص في الاستثمار في ابتكار بروتينات بديلة ومستدامة تحاكي طعم اللحوم وفوائدها دون استهلاك للحيوانات الحية.

وبما أننا نكتب عن أزمة غذاء عالمية، فإن الأسمدة التي تعد أداة حاسمة لزيادة الإنتاجية اللازمة لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان حول العالم، تُشكل 5 بالمائة من انبعاثات الغازات الدفيئة، والذي يجعلنا نعيد النظر في الطريقة التي ننتج ونستخدم بها الأسمدة، ولينجح ذلك علينا تحفيز المزارعين على زراعة الأصناف التي تتطلب كميات أقل من الأسمدة، كما يمكننا حثهم على اعتماد تكنولوجيا زراعية دقيقة تمكنهم من استخدام القدر الضروري فقط من الأسمدة دون الإفراط في استخدامها.

وللتكاتف والتعاضد فيما بيننا أهمية بالغة لتدارك أزمة الغذاء العالمية، فمن أبرز ما يؤجج هذه الأزمة هو هدر الغذاء، الذي يخلق نقصًا وعوزًا وجوعًا لدى المُحتاجين، ويزيد من تلوث المناخ العالمي، حيث تشير الإحصائيات إلا أننا نُهدر ما يقارب ثلث الغذاء في العالم، ويعود ذلك إلى أسباب كثيرة منها نقص التبريد في البلدان النامية، وبالتالي تزيد نفايات الطعام والانبعاثات المرتبطة به، لذا، وجود ثلاجات ذات كفاءة عالية ومواد تبريد صديقة للمناخ سيجعلنا نحد من آثار هذه الأزمة.

وبدورها نتاج، فهي تركز اليوم على تعزيز المنتجات المحلية بالتعاون مع المزارعين المحليين من شتى أرجاء السلطنة، والتي تعد سلاحًا قويًا في مجابهة أزمة الغذاء العالمية، حيث يمكن من خلالها توفير أنظمة غذائية مستدامة، وخلق سبل عيش كريمة، وتنمية وإنعاش اقتصاد سلطنة عمان، مما يقلل من التحديات التي تتعلق بالأمن الغذائي بشكل عام. 

إن أزمة الغذاء العالمية تتطلب استجابة جماعية من دول العالم واتحادًا يُقر حلولًا تجمع بين العمل المناخي، والزراعة المُستدامة، والتوزيع العادل للغذاء، حتى نتمكن من تمهيد الطريق لمستقبل غذائي مرنٍ ومُنصف ومُستدام، لضمان أمن غذائي لأجيالنا الحالية والقادمة.

:المراجع